• 2019-03-01

إضاءات تربوية

الرجل المناسب في المكان المناسب

عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللّهِ أَلاَ تَسْتَعْمِلُنِي؟ قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَىَ مَنْكِبِي، ثُمّ قَالَ: "يَا أَبَا ذَرَ إنّكَ ضَعِيفٌ وَإنّهَا أَمَانَةٌ، وَإنّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إلاّ مَنْ أَخَذَهَا بِحَقّهَا وَأَدّى الّذِي عَلَيْهِ فِيهَا". رواه مسلم وأحمد.
وفي رواية لمسلم: "يا أبا ذر، إني أراكَ ضعيفًا. وإنّي أحبّ لكَ ما أحِبّ لنفسي. لا تأمرَنّ على اثنينِ. ولا تَولينّ مالَ يتيمٍ".
معنى الضعف الوارد في الحديث هو العجز عن القيام بوظائف الولاية. قال النووي رحمه الله: "هذا الحديث أصل عظيم في اجتناب الولايات، لا سيما لمن كان فيه ضعف عن القيام بوظائف تلك الولاية".
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خبيرًا بقدرات أصحابه رضوان الله عليهم، وكان يكلفهم بناء على قدراتهم ومميزاتهم. فقد ولّى عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضي الله عنهما، مع تأخر إسلامهما، ورفض تولية أبي ذر رضي الله عنه مع أنه من السابقين، والذي كان حريصًا على الفوز بالأجر وخدمة المسلمين من خلال طلبه هذا من الرسول عليه الصلاة والسلام، ولكن أبي ذر، مع سابقته وفضله وزهده لا يصلح للإمارة، والرسول لا يحابي في دين الله أحدًا.
يجب على المربي القدير والإداري الناجح أن يحسن اختيار الأشخاص المناسبين للمهام والوظائف المختلفة، كل حسب إمكانياته وما يتميز به عن أقرانه. وقد يكون الرجل حسن السيرة، معروفًا بين الناس بأخلاقه وفضائله، لكنه يصلح لأمور ولا يصلح لأخرى.